من مقتطفات دروس صلاة العشاء للشيخ مختار بارك الله فيه سمعت لكم ما يلي...ذكر لنا فضيلته أن اسم جد النبي سيدنا وحبيبنا محمد ﷺ الحقيقي ليس عبد المطلب بل كان اسمه "شيبة الحمد" لوجود شيبة في رأسه، وكان وهو صغير لا يفارق عم له أسمه المطلب، فكان الناس يعتبروه عبدا لعمه المطلب، ولهذا سمي بعبدالمطلب..وكان المطلب رئيس بني هاشم وقائد بني المطلب، وكان في قومه شريفاً ولم يدرك الإسلام. ثم أصبح عبد المطلب من سادات قريش، محافظاً على العهود، متخلقاً بمكارم الأخلاق، يحب المساكين، ويقوم على خدمة الحجيج، ويطعم في الأزمات، حتى كان يطعم الوحوش والطير في رؤوس الجبال، وكان شريفاً مطاعاً جواداً، وكانت قريش تسميه الفياض لسخائه، وهو الذي عقد الحلف بين قريش وبين النجاشي..
واستئذنكم أن نحلق سويا في صفات جد النبي ﷺ وأوجه الشبه بين صفاته وصفات حفيده سيدنا محمد ﷺ... فقد كان الحبيب ﷺ مثل جده شريفاً وأمينا ومحافظا للعهود وللمواثيق ويتصف مثل جده بمكارم الأخلاق فقد قالت عنه السيدة عائشة أنه ﷺ كان خلقه القرآن، وذكاه ربه بأن خلقه أعلى من الخلق العظيم، وكان ﷺ مثل جده محبا للمساكين ونتذكر معا دعائه ﷺ " اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين"... وكان جده يقوم على خدمة الحجيج...على الرغم من أن الحج الذي نعرفه في الإسلام بمناسكه لم يكن قد فرض على الناس...ولكن بيت الله الحرام كان مقدسا ويعلم الجميع بركته وقدسيته فكانوا يقصدون زيارته ليتباركوا به فكان جد الحبيب ﷺ دون أهل مكة جميعا يقوم على خدمتهم وكان يجمع الماء من كل مكان حتي يسقي الحجيج...وكان جد الحبيب ﷺ رحيما حتي بالطير والوحوش فكان يطعمهم وفي هذا يشترك الحبيب ﷺ مع جده في أنه جوادا رءوف بالطير والحيوان، وكان ﷺ مثل جده مطاعا وحكيم، ولنتذكر سويا عندما اختلف أهل مكة عندما قاموا بإعادة بناء الكعبة واختلفوا أي من القبائل تضع الحجر الأسود فارتضوا برأيه ﷺ وسعدوا جميعا بتصرفه، وكان الحبيب ﷺ مثل جده قاضيا الذي أقام الصلح بين قريش وبين النجاشي رحمه الله والذي وصفه الحبيب ﷺ دون أن يراه بأنه لا يظلم عنده أحد..وكان الحبيب ﷺ مثل جده فياض لسخائه فكان ﷺ ينفق في الخير كالريح المرسلة دون أن يخشي الفقر..
ومن المقتطفات الجميلة التي ذكرها فضيلة الشيخ مختار...أنه عندما علمت قبيلة جرهم أنها ستضطر للخروج من مكة المكرمة فقام الحارث بن مضاض بجمع مال الكعبة وفيه غزلان من ذهب وأسياف ووضعها في بئر زمزم ودفنها ...وضاعت معالمها...وكان جد الحبيب ﷺ يجمع الماء من الآبار من كل مكان لتكون جاهزة لسقاية الحجيج وزوار الكعبة...وذات ليلة وعندما كان جد الحبيب ﷺ نائماً في حجر إسماعيل أتاه هاتف في منامه وقال له: احفر طيبة، فقال جد النبي ﷺ وما طيبة؟..وفي اليوم الثاني نام فجاءه الهاتف وقال له احفر المضنونة فقال وما المضنونة؟...وفي اليوم الثالث جاءه الهاتف فقال له احفر زمزم، فقال وما زمزم؟ فقال له الهاتف لا تنزف أبدًا ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم، عند قرية النمل... وبالفعل قام ومعه ابنه الوحيد الحارث وذهبوا فلم يجدوا هذه المعالم وبينما هم واقفون جاء قوم ليذبحوا بقرة ونزل الدم ثم نهضت البقرة التي ذبحوها وبدأت تركض ثم سقطت في مكان آخر، فأكملوا ذبحها وأخرجوا رفثها فعرف جد النبي ﷺ عبد المطلب أن بين الرفث الذي خرج وبين المكان الذي ذبحوها فيها هو المقصود ولكنه ما زال مكاناً كبيراً ولا يستطيع حفره كله، فبحث في هذا المكان فوجد قرية للنمل، لكنها كبيرة لأن النمل منتشر، ولو أراد أن يحفرها لكان فيها مشقة شديدة، وبينما هو كذلك نزل غراب أسود على جناحه ريش أبيض وكان يسمى عند العرب مثل هذا الغراب بالغراب الأعصم وأخذ هذا الغراب ينقر على الأرض قرب قرية النمل، فعرف عبد المطلب أن هذا هو المكان المطلوب فحفر فوجد الذهب والماء فوقفت ضده القبائل وهنا نذر جد النبي ﷺ أنه لو رزقه الله عشر من الأولاد الذكور ليتقرب بأحدهم عند الكعبة لله..ثم طلبت القبائل أن يذهبوا لعرافة في الشام لتحكم بينهم لمن تكون لهم السيادة على بئر زمزم وهم في الطريق نفذت المياه التي كانت معهم..ثم بدأ كل منهم يحفر حفرة بحيث عندما يموت يقع فيها فيدفن، وعندما قام جد النبي ﷺ بحفر الحفرة لنفسه فإذا بالماء يخرج من باطن الأرض على يديه، فقالت له القبائل والله الذي نبع الماء بين يديك لهو الذي هداك لبئر زمزم ارجع فإنها لك وأنت سيدها...
نكتفي بهذا القدر ونلتقي في اللقاء القادم وما يرزقنا الله به من علم ينتفع به، رحم الله كل من ساهم في رفعة هذا الدين وبارك الله في فضيلة الشيخ لما يتحفنا به من معلومات رائعة..وليتعلم كل منا كيف يكون جد لأحفاده صادقا أمينا كريما محافظا للعهود وللمواثيق محبا لفعل الخيرات لعل الله أن يرزقنا من أحفادنا من يكون له شأن عظيم لخدمة وطنه ودينه وأهله والناس أجمعين...دمتم في رعاية الله وأمنه..ورحم الله من سبقونا وأسكنهم فسيح جناته...
اترك تعليقا: